حلف "الناتو" الشرق أوسطي لن يخرج إلى حيز التنفيذ

حلف "الناتو" الشرق أوسطي لن يخرج إلى حيز التنفيذ

  • حلف "الناتو" الشرق أوسطي لن يخرج إلى حيز التنفيذ

افاق قبل 2 سنة

حلف "الناتو" الشرق أوسطي لن يخرج إلى حيز التنفيذ

المحامي علي ابوحبله

رغم حالة الاصطفاف الظاهري بين إسرائيل وبعض الدول المطبعة إلا أن فكرة إنشاء حلف ناتو شرق أوسطي تصطدم بعقبات  نتيجة التناقضات في المواقف بين العديد من الأنظمة العربية  ، وشهدنا العديد  من التحركات والاتفاقيات بالمنطقة في فترة ترمب لكن جميعها لم تؤدي إلى النتيجة المبتغاة ، خاصة منذ انطلاق قطار اتفاقات "أبراهام" التي رعتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، حيث شهدت العلاقات بين الإمارات والبحرين والسودان تطورا ملحوظا على المستويات الدبلوماسية والعسكرية والأمنية.

غير أن التحالف الشرق أوسطي الذي تقترحه إدارة بايدن  يواجه عددا من التحديات التي قد تحول دون تحوله إلى حقيقة عملية، فتصريحات المسئولين العرب حول الفكرة تحمل في طياتها تناقضا في الرؤى وفقدانا للإجماع.

ففي مقابلة مع صحيفة "النهار العربي" اللبنانية، قال ويزر الخارجية الأردني أيمن الصفدي "لم يطرح علينا ناتو بمعنى ما قيل في الإعلام، لا يوجد حديث حول منظومة دفاعية إقليمية تكون إسرائيل جزءا منها" وردا على سؤال حول تشكيل تحالف عربي مع إسرائيل لمواجهة إيران، شدد الصفدي على أن هذا ليس مطروحا، مضيفا أن ما طرح بخصوص تحالف عربي تشارك فيه تل أبيب لمواجهة طهران لم يسمع به الأردن، ولم يطرح على المملكة. وهو ما يفسر حذر الأردن من الدخول في اصطفاف عسكري مباشر لمواجهة إيران التي تعزز من حضورها جنوب سوريا على الحدود مع الأردن.

من جانبه، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره البحريني عبد اللطيف الزياني، إن فكرة إنشاء تحالف عسكري عربي على غرار حلف الناتو خلال زيارة الرئيس الأميركي للسعودية ليست مطروحة على الطاولة الآن. وأكد أن "إنشاء تحالف أو تنظيم قانوني أمر يجب أن يسلك طريق التشاور، وليس مقترحا في الوقت الحاضر".

كما يشهد مجلس التعاون الخليجي تباينا في المواقف حيال التعامل مع إيران العدو المفترض "للناتو" المزمع تشكيله. فبينما ترى بعض مكونات المجلس أن إيران عدو ويجب التعامل معها على هذا الأساس، ‏ترى أطراف أخرى الحوار مع طهران الطريقة الأسلم لحل الإشكاليات معها. وهو ما يظهر من العلاقات الثنائية التي تجمع دول الخليج مع إيران والحوارات السرية التي ترعاها دول كعُمان والعراق بين الجانبين.

وتتمتع قطر وعُمان بعلاقات جيدة مع إيران، وتحافظ الكويت على علاقات حذرة معها، بينما السعودية والإمارات تحذر  من الطموحات النووية الإيرانية ونفوذها المتصاعد بالمنطقة، إلا أن الحاجة لوقف الحرب في اليمن ومنع انهيار العراق يدفعان لحوار خلف الأبواب المغلقة مع طهران.

ويبرز الموقف المصري التقليدي الذي تجنب عبر السنوات الماضية الدخول في تحالف مباشر في مواجهة إيران، وحافظت القاهرة على مستوى من التوازن في علاقتها مع الأطراف الإقليمية.

التحالف المفترض للناتو الشرق أوسطي لن يرى النور في ظل الحديث عن انضمام تل أبيب للحلف المفترض ويشكل انضمام تل ابيب  عقبة رئيسية نظرا لما يعنيه ذلك من استفزاز مباشر لإيران الذي ترى في وجود إسرائيل بالخليج العربي تهديدا مباشرا يستدعي التدخل. كما أن هذه الخطوة تلقى معارضة من دول عربية من المفترض أن تكون جزءا من هذا التحالف، الأمر الذي قد يفهم ضمنا من تصريحات ملك الأردن الذي طالب أن تكن مهمة التحالف "واضحة جدا حتى لا تربك أحدا".

ألصحافه الاسرائيليه التي روجت لفكرة الحلف والتطبيع مع  السعودية أخذت بالتراجع فقد صرحت  شخصيات إسرائيلية مطلعة لصحيفة " يسرائيل هيوم" أن النموذج المفضل لدى دول الخليج هو مواصلة التعاون الأمني مع إسرائيل بطرق غير رسمية وليس إنشاء حلف اقليمي معها.

وأعرب مسئولون أمنيلون كبار للصحيفة عن تشكيكهم بالفوائد التي يمكن أن يحققها مشروع التحالف الدفاعي الإقليمي الذي تم الحديث عنه كثيرًا في الأسابيع الأخيرة، وأشار بعضهم إلى أن العيوب الكامنة فيه تفوق مزاياه.

وكان من المقرر أن يتم الإعلان عن خروج هذا التحالف غير المسبوق إل حيز التنفيذ بين إسرائيل والدول العربية الموقعة على اتفاقيات إبراهيم تزامنًا مع الزيارة التاريخية التي سيجريها الرئيس الأمريكي جو بايدن لمنطقة الشرق الأوسط.

وعقدت ألصحافه الاسرائيليه الآمال وأغرقت بالتفاؤل على إنشاء تحالف إقليمي للتعاون في الدفاع بوجه إيران وتحديدًا ضد الصواريخ والطائرات بدون طيار التي تهدد أمن المنطقة لكن لا تجري الرياح بما تشتهي السفن  

وأشارت التقارير إلى أنه كان من المقرر أن يضم التحالف الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر والأردن والإمارات العربية المتحدة والبحرين وسط تكهنات باحتمال انضمام دول عربية أخرى لم توقع اتفاقيات سلام مع إسرائيل، في مقدمها المملكة العربية السعودية وقطر.

وتبين أن دول الخليج والمملكة العربية السعودية سجلت تحفظات على هذه الخطوة، من منطلق عدم إغراق المنطقة بالفوضى التي تهدد أمن المنطقة في حال شاركت إسرائيل بهذا التحالف ، ومع اقتراب موعد الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة، عاد الجدل حول تشكيل ما يطلق عليه "الناتو العربي" أو "الناتو الشرق أوسطي".

وذكرت مصادر صحفية أميركية أن إدارة الرئيس بايدن عقدت قمة لمسئولين كبار من إسرائيل والدول العربية لمناقشة التنسيق ضد الصواريخ والطائرات المُسيّرة الإيرانية، وشارك بهذه الاجتماعات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي ونظراؤه في بعض الدولة العربية، وهي المرة الأولى التي يلتقي فيها ضباط رفيعو المستوى من إسرائيل والدول العربية بإشراف أميركي.

وتنتمي فكرة إنشاء تحالف شرق أوسطي إلى الرغبة الأميركية بإعادة ترتيب أوراق المنطقة، وذلك ضمن مساعيها لتركيز جهودها لمواجهة التحديات التي تفرضها الصين بشكل رئيسي وروسيا بمستوى أقل.

ووفقا للرؤى الأميركية فإن اصطفافا إقليميا يشمل الدول العربية وإسرائيل يعد الوسيلة الأبرز للتصدي للطموحات الإيرانية في المنطقة. كما يمهد ذلك الطريق لفرض حلول على العديد من الصراعات الإقليمية بما في ذلك القضية الفلسطينية والأزمة السورية والحرب في اليمن.

ومنعا للبس فان نشوء أي تحالف إقليمي يضم إسرائيل سيعقد حسابات العديد من الأطراف العربية وتزيد من حدة التحديات ، وتقلص هذه التحديات من فرصة تشكيل هذا التحالف، دون نفي واقع أن العلاقات بين دول عربية ودولة الاحتلال الإسرائيلي باتت تشكل ملمحاً رئيسيا للبيئة الأمنية بالمنطقة، وقد تفتح المجال لمزيد من التعاون والشراكات الأمنية والعسكرية.

.

التعليقات على خبر: حلف "الناتو" الشرق أوسطي لن يخرج إلى حيز التنفيذ

حمل التطبيق الأن